د. رائد الهاشمي
سفير ألنوايا ألحسنة
من أخطر التأثيرات التي تركتها الحروب والتحديات الإرهابية والإضطرابات السياسية التي تمرّ بها المنطقة العربية بشكل عام والعراق بشكل خاص هي ظاهرة عمالة الأطفال, حيث تترك هذه الظاهرة آثاراً سلبية خطيرة تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص ولابد من الوقوف عندها والتحذير منها حيث أن العديد من الاتفاقيات الدولية والعربية قد جرّمت الاستغلال الاقتصادي للأطفال ومنها (اتفاقية حقوق الطفل) حيث نصّت المادة 32-1 منها (تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرّجح أن يكون مضراً أو أن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي), وكذلك فان الاتفاقية العربية رقم 18 لسنة 1996 التي تعتبر أول اتفاقية عربية متخصصة في مجال عمل الأطفال، حيث جاءت استكمالاً لسلسلة المبادئ التي أكدت عليها الاتفاقيات العربية السابقة في هذا المجال وحظرت عمل من لم يتم سن الثالثة عشرة من عمره، ونصت على أن أحكامها تشمل جميع الأنشطة الاقتصادية باستثناء الأعمال الزراعية غير الخطرة وغير المضرة بالصحة ووفق ضوابط تحددها السلطة المختصة في الدولة تراعي فيها الحد الأدنى لسن الأطفال, وأوجبت الاتفاقية أن لا يتعارض عمل الأطفال مع التعليم الإلزامي وأن لا يقلّ سن الالتحاق بالعمل الحد الأدنى لسن إكمال مرحلة التعليم الإلزامي، وأن تقوم الدولة بإجراء الدراسات حول أسباب عمل الأطفال فيها، وأن تعمل على التوعية بالأضرار المحتملة لعمل الأطفال, وفي الأعمال الصناعية نصّت على منع تشغيل الحدث قبل إتمام سن الخامسة عشرة وفي الأعمال الصناعية الخفيفة التي تتولاها أسرته قبل إتمام سن الرابعة عشرة، وأن تتم في كل الأحوال مراقبة عمل الأطفال وحمايتهم صحياً وأخلاقياً والتأكد من قدرتهم ولياقتهم الصحية للمهنة التي مارسها كل منهم, كما منعت تشغيل الطفل في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة أو الأخلاق قبل بلوغه سن الثامنة عشرة وعلى أن تحدد الدولة هذه الأعمال في تشريعاتها أو لوائحها.
ووضعت الاتفاقية نصوصاً منظمة لشؤون عمل الأطفال في المجالات التالية( الفحص الطبي، العمل الليلي، الأجور، ساعات العمل، العمل الإضافي، الإجازات، الخدمات الاجتماعية، التزامات صاحب العمل، مراقبة التطبيق، العقوبات).
مايجري في بلداننا العربية وفي العراق في هذا المجال يُعدّ إنتهاكاً لجميع الإتفاقيات الدولية والعربية حيث أن هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير جداً ومعظم الأطفال الذين يمارسون العمل بسن مبكرة نلاحظ تركهم للدراسة مايحرمهم من فرص التعليم وضمان مستقبل آمن لهم, ولو ركزنا على أسباب انتشار هذه الظاهرة الخطيرة لوجدناها كثيرة ولكن يمكننا حصر أهم هذه الأسباب بما يلي:
1. سوء الأداء الحكومي وسوء توزيع ثروات البلاد وعدم تحقيق العدالة الإجتماعية.
2. ألفقر حيث يعدّ من أهم الأسباب التي تضطر الطفل للعمل لمساعدة عائلته.
3. المستوي الثقافي للأسرة وجهلهم بفائدة التعليم لأطفالهم لتأمين مستقبل مشرق لهم.
4. ألحروب والتحديات الإرهابية والأزمات وتأثيراتها السيئة على المجتمع.
5. ألمشاكل الإقتصادية الكبيرة التي تعصف بالبلد والتي تقلل القدرة الشرائية للعائلة.
6. ألخلل في الأنظمة التربوية السائدة وقلة المدارس وعدم تفعيل قوانين التعليم الإلزامي.
7. نقص المعرفة بقوانين عمالة الأطفال أو عدم العمل بها من قبل الحكومات.
8. نقص البرامج الدولية لمحاربة الفقر.
ولخطورة هذه الظاهرة على المجتمع ونتائجها السيئة التي تساعد في انتشار ظواهر خطيرة أهمها الجهل والسرقة والجريمة والارهاب والأميّة والفساد والتسول وضياع مستقبل الأطفال الذين يمارسون هذه الظاهرة فإن من واجب الحكومات والبرلمانات والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام أن تأخذ دورها الحقيقي لمنع هذه الظاهرة الخطيرة والعمل على حماية أطفالنا من الاستغلال وضياع مستقبلهم وذلك من خلال سن القوانين التي تلزم بمنع عمل الطفل في عمر مبكر والالتزام بالمواثيق الدولية والعربية وتوفير البيئة المناسبة للطفل من الناحية التربوية والصحية والعمل على محاربة الفقر الذي يعدّ من أهم الاسباب لانتشار هذه الظاهرة وعلى وسائل الإعلام المختلفة ألتركيز على انتشار هذه الظاهرة وشرح مخاطرها واقتراح الحلول المناسبة وكذلك على مراكز الدراسات والبحوث والجامعات والشخصيات الأكاديمية أن تكثف من الدراسات الأكاديمية حول هذا الموضوع وتشجع عليها.
ألظاهرة خطيرة وتهدد مستقبل أطفالنا وتحتاج لتكاتف كل الأطراف المذكورة ولاننسى دور الأسرة التي يجب أن تعي خطورة هذه الممارسة على مستقبل أطفالهم وتتعاون مع الجميع لحماية الأطفال وضمان مستقبل آمن لهم فهم عماد مستقبل الأمم وهم الأمل المنشود بتغيير واقعنا المرير.